**** مـدرســــــــــة أحبهـــــــــــــــــــــا ***** حصريا

لقد أقمت في هذه المدرسة منذ عدة سنوات ،

ولا أزال أحتفظ بذكرى الشعور الغريب الذي تملكني وأنا أجتاز لأول مرة بابها.

ووجدت نفسي قبل كل شيء أمام عالم صاخب يختلف كثيرا عن عوالم

مؤسساتنا اليوم.وأن ساعات قصيرة من إقامتي فيها كانت كافية لتجعلني

أشعر وكأنني في ورشة أو معمل للحياة ، حيث يصار إلى تشذيب الذكاء والطبع

والعمل اليدوي وغيرهم بالاحتكاك الشخصي المضاعف وبواسطة الأدوات اللازمة

أو بالكتابة وحتى بالأصدقاء الراشدين . فقد كان الأولاد يخضعون بشكل منتظم جميل

إلى نظام يختلف عن نظام باقي المؤسسات العادية. فالعمل المدرسي الصرف لا يستمر

كثيرا على حال واحدة ،وكذلك المعارف باللغة اللاتينية أو في بقية العلوم ،فهي كغيرها

من الأعمال كإبراز المواهب في أعمال الورش أو زراعة الأرض أو الاعتناء بالحيوانات

أو الرحلات في طول البلاد وعرضها .

والمدرسة أبعد ما تكون عن النظرة التعليمية من زاوية الإصلاح اللاعقلي .

والعمل التربوي فيها بعيد أيضا عن طريقة الفروع المنفصلة منذ الصفوف الصغيرة ،

وهي تعتمد بذلك على اختصاصيين ،يضطرهم نشاطهم في بعض الأحيان الى التجزئة

فيما يتعلق بالأعمال العقلية أو في بناء الطفل الطبيعي.

وعندما دخلت هذه المدرسة ، رأيت بعض التلاميذ في حقل صغير يقع في الجهة

اليمنى وهم يقومون بغرس الكراث أو ببذر بعض الخضراوات حسب الفصل الذي

هم فيه .كما رأيت جنينات صغيرة من بعيد وقد تغطت بمجموعة من الخضراوات المحلية

بحيث رتبت باعتناء وببساطة رائعة. ورأيت في ناحية أخرى مجموعة من الأرانب

في بيوت متقنة وهي تنتظر وراء السياج الحديدي ، أولئك الأطفال الصغار القائمين

على تغذيتها والعناية بها . وكانت ضجة المطارق تأتي من الورش ،كما رأيت طفلا

صغيرا يجتاز أحد الأبواب ثم يتجه إلى حوض من الماء ، ليجرب قاربه الصغير الذي

انتهى من صنعه منذ وقت طويل . وتحت رواق كبير تنتصب لوحة كبيرة مأطورة ،

هي بمثابة صحيفة يعلن الطلاب فيها ، إما بخطهم أو بواسطة مطبعة المدرسة ، أخبار

بلدهم أو بقية أخبار العالم ، ورأيت فيما رأيت مجموعة من الصغار يخرجون بخطى

حثيثة من أحد الأبنية ثم يتجهون نحو الجناح المجاور ، وهم يتكلمون بحيوية ونشاط ،

وتدل ملامحهم على انفراج أساريرهم وتوازن مظهرهم . ورأيت بينهم معلمهم بقميصه

الأبيض وهو يتحدث مع بعضهم في موضوع الساعـــــــــة ...

هذه لقطة من مدرسة أحبها .

أرجو أن تنال إعجابكم ، ونصيبا من انتقاداتكم القيمة...

وإلى لقطة أخرى بإذن الله تعالى .